الكاتبة ـ مريم سليمان الجهني .
ثارت في داخلي غيرةّ ، غيرةّ أشعلت حروفي ، وجعلت كلماتي تتسابق لتُحدق باستغراب بما رأته عيناي .
في مساءٍ متأخر ، وبينما أعود إلى مسكني بأحد المدن ،
وقفت أمام مشهدٍ تتفطر له القلوب …
ومشهدٌ تتجمد له الأنفاس ، وتتساقط أمامه كل الحروف . فتيات وفتيان …
لا أريد أن أصفهم بكلمةٍ لا تليق بديني ولا قلمي ، ضحايا غياب من الدرجة الأولى ؛ ضحايا غياب الرقابة ، وضحايا انفتاحٍ بلا وعي ، وضحايا بيوتٍ سمحت للشارع أن يربي مالم يستطع البيت احتواؤه . وقفت بين أن أنصح كما أوصى محمد ﷺ وبين أن أصمت حتى الصباح وأترك السؤال يطاردني : وماذا حصل ؟ ولِم حصل ؟ ومن المستفيد ؟ وأذكر قول الله : " إنك لا تهدي من أحببت " لكن حديث مربي البشرية عليه الصلاة والسلام :
" كلكم راعٍ و كلكم مسؤول عن رعيته "
وصية واضحة للأباء .
ويتضح لنا اليوم مع تطور التكنولوجيا أن :
المسؤولية شقًان لا ينفصلان :
البيت … و السوشيال ميديا . جيل يتلقى التربية من أقطار العالم ، وشوارع مفتوحة بلا رقيب ، وبنات وأبناء يجولون في منتصف الليل هداهم الله ، كأن الليل صار صديقاً أميناً ، والوقت لم يعد أمانا . وهذا لا يعني منع ابنتي من مرافقة صديقتها بوقت متأخر ، أني لا أثق بها ، بل أني لا أثق بالشارع … لأنها جزءّ مني وروحي قبل أن تكون ابنتي . وجودي قربها ليس تحكماً ، بل سياجاً يُوقِف من يحاول أن يتقدم نحوها . كيف أترك ابني وابنتي في الشوارع بلا رقيب وأقول " أنا واثقً" ؟ نخدع أنفسنا ، فنحن نشارك في صنع ضياعهم ثم نريدهم أن يصبحوا دعاة صالحين لنا بعد موتنا ! كيف يرجو والدٌ ابناً صالحاً وهو لم يسعى لإصلاحه اساساً ؟ ولم يكن بصحبته يوماً ؟ وكيف تلوم أمٌ بنتها وهي لم تُمسك بيدها يوم كانت تحتاج من يقودها إلى طريق الرشد؟ . نعم السوشيال ميديا ملأى بثقافات لا تُشبهنا وأفكار لا تنتمي لهويتنا ،وعادات لم يُنزل الله بها من سلطان ،
ولكن رفضي لخروج ابنتي أو ابني بوقت متأخر لا يعني أنني متخلّفة ، بل أريدها
* طبيبة تنقذ روحاً تألمت
* مهندسة تُشغل بيديها بترول بلدها بأمانة
* ممرضة تسهر على مسن فقد يداً حانية معه ،
*
* محامية ترفع الظلم بقلمها ،
* معلمة تُخرج أجيالاً تبني المستقبل ،
* وجندية تحمي أمّن وطنها بقوة،
* إداريةً تقود منظومة بكفاءة ،
* وبنتاً صالحةً قبل كل شيء .
وكذلك أريد ابني :
معلّماً يُنشئ العقول ،
وطبيباً يحفظ الأرواح
وجندياً يحمي الحدود
ومهندساً يُشيد المباني
وإعلامياً بقلم صادقٍ
ومبرمجاً يرفع راية وطنه بين الأمم
الوطن لا يُبني بمن يلهو في الطرقات منتصف الليل ، بل بمن يُقّدر الوقت والمسؤولية. جيل الثمانينيات قبل أو بعد كان نسخةّ يشبه آباءه وأمهاته : بعض
بيت فلان يشبه بيت فلان
بنت فلان تفكيرها نفس بنت فلان
ولد فلان رجلٌ كأبناء فلان ،
القيم واحدة … والدين واحد …
هو يحمي أخت جاره ،
وهي تنصح جارتها
وهو ينتقد ابن جاره خوفاً عليه
السبب ؟ المربي واحد .والمصدر الفكري واحد ، تلفاز … ومحتوي واحد .
أما اليوم فتربية أبنائنا تأتي من اربع جهات الأرض ؛ لذلك نحن - الآباء والأمهات -
حائط الحماية الأول …
وآخر سياج يحمي فطرةً وُلد عليها أبناؤنا .
لا يعني بلوغ الإبن 18 سنة أن رسالتنا انتهت ، ولا يعني أن نُلقي بهم في الشوارع بلا قيود بدافع الحرية ، يجب أن نغرس بداخلهم "روح المسوؤلية " لا نغرس التسيب والضياع . ثم نعود ونبرر لنقول : الزمن تغير والحقيقة روح المسوؤلية تغير . مارأيته لم يكن مشهداً عابراً… كان صرخة صامتة تقول : أين أنتم يا آباء ؟ وأين أنتم يا أمهات ؟ ضحايا الشارع ليسوا سيئين… بل يفتقدون الناصح
ويحتاجون المربي . نحن ياسادة … حين يُقرر رجل وامرأة أن يُنشاء مؤسسة أسرية . فإن الأيدي تُكَبل بقيود المسؤولية ، ويلبسان جلباب القدوة قبل كل شيء .فأبناؤنا وُلدوا على فطرة الإسلام . وكلنا مسؤول .
وقد فكرت أن انصحهم … لكن النصيحة تحتاج أرضاً صلبة فالنصيحة لا تنفع بلا قاعدة قوية. الكلمة العابرة لاتزرع وعياً . والمشهد المؤلم وإن نصحت لا يُغير سلوكاً .
اعرف وأعترف أن التربية صعبة … وأن الإنفتاح جعلها أصعب . ولكن الله معنا …
والدرب واحد فلنكن : مرافقين ، قريبين ، متابعين ، مع حرية مقننّة ، لا مطلقة .
أرافقهم … دون أخنقهم .
امنحهم ثقة … دون أن اتركهم .
أراقب هواتفهم … دون علمهم .
أصلح الخطأ … دون احراجهم
لأن بعض الأبناء شخصياتهم عنيدة ، صريحة ، حساسة . وتحتاج للمعالجة الهادئة لا المواجهة ، ولن ينفع أب يصرخ … وأم تغضب ثم تنكسر العلاقة للأبد .
رأيت شباب وبنات يجولون في منتصف الطرقات كلّ منهم ينظر للآخر … ينتظر كلمة … أو خطوة … أو لقاء ، رؤية 2030 فخر لنا ونعتز بتطور بلدنا وتحركات قادتنا - جزاهم الله كل خير التي من خلال هذه الرؤية تريد أن نصل للقمة ونكون الدولة العظمى .
السؤال هل نحن نربي جيلاً يسعى مع الرؤية ؟ جيلاً. يستعد ليقود الوطن نحو الأفضل ؟ أم جيلاً يتساقط منتصف الليل لا يعرف ماذا يريد ؟ هل نريد جيلا يقود وطنه للتطور والرقي بالعلم والمعرفة والإختراع.
أولياء الأمور الأعزاء: لايكفي المال ولا الحرية .
أعاننا الله وأعانكم على المسؤوليات فنحن من قرر أن نكون أباً وأماً ، والله وضع هذه الارواح أمانة بين يدينا .
ولنتذكر دائماً حديث رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام
" كلكم راعٍ …. وكلكم مسؤول عن رعيته .
.jpg)

.jpg)

.jpg)

.jpg)
.jpg)

.jpg)
.jpg)


.jpg)




.jpg)















.jpg)







































