الراحلون
الكاتبة: صالحة أحمد
رحلوا من كانوا يقرعون أبوابنا،
بين صيفٍ حار وشتاءٍ بارد، يتغير معه كل شيء ويتلوّن، وقد يتعامل البعض بالمزاجية.
ومرّت الأيام، وانتقلنا من تلك الأبواب المُشرعة للجميع، إلى أبواب لا تُفتح إلا باتصال هاتفي أو إشعار رسالة.
وتغيّرت معها جدران المنازل لتصبح أكثر صلابة، وقست معها قلوب البعض، لتبدو وكأنها تحمل كل ما يدعو إلى القسوة أيضًا.
لكن، هل هذا الأمر المخيف طغى على الجميع؟ أم أنه فقط أظهر معادن بعض الناس، سواء طيبتهم أو خبثهم؟
من وجهة نظري، لقد أظهر هذا التغير معادن الناس، وأوضح طبيعة العلاقات بينهم؛ أن ثمة غثّ وسمين.
وكما خلق الله معادن ثمينة وأحجارًا كريمة، وأخرى لا قيمة لها، كذلك البشر.
فانظر لنفسك، من أي المعادن أنت؟!
حتى المخلوقات الحية الأخرى، خلق الله منها من هو عزيز النفس، لا يرضى المهانة والذل، فيُفضّل الموت على أن يعيش في هامش الحياة.
فالخيل حيوان، لكنه ليس كسائر المخلوقات.
انظر كيف ميّزه الله في كل شيء: في منظره، وحركاته، وقيمته؛ فهو مختلف.
وكذلك البشر.
كل شيء خلقه الله، رفع شيئًا منه وميّزه، وخفّض آخر وميّزه أيضًا.
حتى الغازات الموجودة في الكون، منها ما سمّاها العلماء بالغازات النبيلة، وهي مختلفة بشيء ما،
وسرّ هذا الاختلاف أوحى للبشر بأنها “نبيلة”.
وبين هذا وذاك، توجد المتناقضات والغرابة.
لماذا هناك قلوب طيّبة لم تتغيّر ولم تتبدّل، ولم تجرِ وراء المصالح، ولم تُصغِ لأذنٍ أخرى حتى تغيّر مفاهيمها؟
لماذا بقيت هذه الفئة الجميلة الطيّبة كما هي؟
عاشت بقلبٍ نقي وماتت بقلبٍ نقي!
إنه المعدن الحقيقي لقلوبهم الطاهرة.
لم تسُقهم المصالح البشرية.