خوف
الكاتبة : سلافة سمباوه
ماالقوة التي جعلت إحداهن تقرر البقاء دون تعليم ، دون زواج ، دون تقدم وتبقى هكذا ؟!
ماالسبب الذي يجعل البعض يلجأ لعلم الغيبيات والروحانيات وقراءة الودع والفنجان بالرغم من الطاقة التي تتركها في النفس أحياناً تصيب وأحياناً تخيب ،
ماالذي يجعل البعض يتلهف لمعرفة مستقبله سواء بأوراق التارو وغيرها ؟!
كانت اللهفة منحصرة على منخفضي التعليم والآن زاحموهم فيها المثقفين والاثرياء ايضاً وكلٌ له أسبابه .
إنه السبب الذي يجعلك تبقى دون تقدم ، دون انتاجيه ، دون تغيير .. إنه الخوف ذاك الشبح الملازم كالظل نهاراً والمتحول لكابوساً يقض المضجع ليلاً.
الخوف من المجهول لا يقتصر فقط على النهايات الكارثية بل يسبقها بآلاف الخطوات التي نعيشها كل يوم .الخوف من الارتباط بعمل قد نفشل فيه أو شخص قد ننفر منه أو موعد قد نخلف به.
الخوف من قول الرأي وسماع رأي الآخر فينا
الخوف من التغيير مع أنه الأفضل ، والخوف من الحب لأنه قد لا يصلح . والخوف من الآخر لأننا لا تعرف سوى ما هو مألوف لنا.
الخوف من برد قد يُمرِض والخوف من حرّ قد يهلك والخوف من أكلة قد تزيد الوزن.
يشكل الخوف سمة من سمات الإنسان فهو جزء من غريزة حب البقاء.
هذا الخوف الذي تجذّر برعاية الأوصياء الذين حرصوا بكل عناية على زرعه في النفوس بإسم الاحترام حتى بتنا لا ندري متى نخاف ومتى نحترم ؟ وهل الاحترام مقرون لازماً بالخوف أم أن لكل منهما وجهته الخاصة ؟
لاشك أن هذا الخوف الخائف من نفسه لم يتوان قطّ في اشتقاق وتكريس مفاهيم أخرى من قبيل التبعية والخضوع وفقدان الثقة بالنفس والجرأة باعتبارها السبيل في أثناء اتخاذنا لكل مغامرة جديدة، ما يجعلنا نخشى كل فعل نُقدم عليه حتى وإن كان نافعا، أو كل شخص نتعامل معه يفوقنا سلطة أو معرفة.
تعززت ثقافة الخوف من الآتي في شكل خوف من المستقبل:فقد الوظيفة والفقر والمرض والشيخوخة، والخوف من عدم الإحساس بالأمن، في شكل عدو خفي ينتظر قدومه عند أول منعطف، إلى جانب الانتهاكات المباشرة للحرية الشخصية
تبدو التنشئة الأسرية اللبنة الأولى في بناء ثقافة الخوف، في العلاقة الزوجية والاسرية ، إذ تبدو العلاقة بين الذكورة والأنوثة علاقة خوف وتناقض قد يولد الكراهية المستبطنة، فالذكر يستغل ميزته ليزرع الخوف في قلب الأنثى، ويمتد الخوف بين رتب متسلسلة في أي مجال عمل، فالأدنى دائماً يعيش حالة رعب من مصير مجهول،
وإذا كان الخوف من نصيب الأنثى في معظم الأحيان فإن الرجل له نصيبه من هذا الخوف على المستوى الوجودي والإنساني والاجتماعي والاقتصادي.ولا نستطيع أن نجد حدوداً ظاهرة بين صانع الخوف ومن يقع في قلبه الخوف، وكأن أحدهما متربص بالآخر.
جميل أن نخاف حتى نحترس ونحتاط ، جميل كذلك أن نضع في الحسبان موقف الآخرين في كل خطوة نخطوها، وعظيم أيضا أن تمثُل أمامنا تلك النظرة التنبؤية للمستقبل وصعابه حتى نعمل باستمرار على تحسين أدائنا كما خططنا، بما يضمن ثقة الآخرين واحترامهم. لكن أن يكون خوفنا لأجل الخوف، خوفا لأجل اللامبادرة واللاحركة فهذا ما نخشاه بالفعل، بحيث نخاف من الآخر أو من المجهول في كل ما نُقدم عليه حتى وإن كان فيه مصلحة مشروعة ورقيٌّ للفرد أوللجماعة.
الخوف مرتبط أساسا بمدى القدرة على التوفيق في الإجابة على السؤالين : "من أنا من منظوري الخاص ؟ ومن أنا من منظور الآخرين؟ " . وعليه فعدم إعطاء كل طرف حقه من الإجابة والاستجابة في ذات الآن سيكون مرده حتما إلى قضية كبرى متجسدة في التربية التي غالبا ما تكون مزعزعة، ما يجعلها بذلك مزعزعة الفرد والمجتمع على حد سواء.
هل انتشر شعور الخوف بسبب التربية؟! أم عدم رغبة في التقدم والتغيير ؟! أم لأنه أسلوب سريع ومريح لحل المشاكل
هل معرفة الغيب سواء صحتها من عدمها من قبّل الدجالين أو الذين تعلموها بالدلالات الفلكيه أجابت عن تلك المخاوف القابعة داخلكم ؟!
هل الأجوبة عن شيء مجهول مريح ؟!
الحل الحقيقي والمريح كسر ذاك الخوف الذي تجذر داخلكم والانطلاق نحو أهداف تريدونها وتعلموا عيش اللحظة والاستمتاع بها اتركوا التفكير والاستعجال المستعر نحو المستقبل فالمستقبل صناعة حاضرك ورؤاك وأفكارك حيال نفسك وحيال ما تود أن تكونه وبإمكانك وحدك أن ترى كيف سيكون مستقبلك بما تفعله الآن.