صاح بها يا أنتِ، فتحتْ عينيها الواسعتين وقد تحرك أسوداها في اتجاه واحد نحوه قائلة: أليس لي اسم يا أنتَ؟ اعتذر منها بأنه لا يعرف اسمها، التقيا لأول مرة في مكان واحد يجبر على خلع النعال للحفاظ على خصوصية المكان، كانتْ تنتظر شيئًا ما لم يفهمه، وقف متسمرا على مكان الأحذية، لَفتَ انتباهه أشياء كثيرة في المكان الأنيق، الأحذية غالية الثمن، الديكور الفاخر، الأضواء الملونة، رائحة العطر الذي يملأ كل المداخل، الابتسامات التي تدخل مع الداخلين وتخرج مع الخارجين، طال الوقت وهي تنظر إليه وهو ينظر إليها باستغراب، هذه النظرات دعته ليفتش في نفسه عن شيء لافت يجعلها تتفحصه، سحب نظارته ليرى هل عليها غبار أو هي متسخة؟ أخرج منديلا رقيقا ومرّره برفق كيف يقنعها أن نظارته نظيفٌ زجاجها، وقف أمام مرآة واسعة ليتأكد من هندامه، وجده في غاية الأناقة، حركتْ رأسها وهي تضحك برقّة وتشير بأصبعها أن الموضوع مختلف، قال لها يا... ماالخبر؟ كررتْ ابتسامة رائعة، اقتربتْ منه وكأنها تريد شيئا، عَرف من خطوتين أنّ في مشيتها شيئا ما، تجرأتْ ودفعته عن طريقها، نظر إلى أسفل منه فوجده يقفُ على كعب حذائها ذي اللون الذهبي دون شعور منه، الجوُّ السائد أفقده التفكير فيما هو حوله، اعتذر كثيرا وأنه لم يكن يقصد، هزّتْ رأسها وكأنها تقول لاعليك، أدخلتْ قدمها فيه وهي مستعجلة، نظرتْ إلى ساعتها الذهبية ونظرات العتاب تكاد تخترقه ، كرر النظر إلى موضع الأحذية وهو يلوم نفسه على فعلته، غادرتِ المكان دون أن يسألها عن اسمها، هي لم تفعل ذلك أيضا معه ، حرك بقدمه بعض الأحذية التي تملأ المدخل حتى لا يؤخر أحدا أو يتكرر حوار آخر، في طريق عودته وهو خارج وجد زوج الأحذية في المدخل الخارجي عرفه من لونه ومن آثار وقوفه على أحدهما ، لم يجد تفسيرا لذهابها دون حذاء، يبدو أنني كنتُ السبب، هكذا حدَّثَ نفسه!