على شرفة الانتظار
بقلم الكاتبة: فاطمة شاجري
تبدو ملامحها تعلوها شيخوخة الغياب، نعم، الغياب. وهي تنتظر على شرفة نافذتها التي قد شاخت هي أيضاً، تحدق في الأفق وكأنها تبحث عن نور يأتي من بعيد، عن تلويحة وداع تركها قبل غيابه، عن أمل يضيء ويترجم ما بداخلها من ألم، من جروح، من تضاريس أرهقتها سنين الكتمان.
تمر عليها كل السنين بكل الفصول؛ من صيف حارق، وخريف عاصف، وشتاء قارس. ونافذتها لا توصد، لعلّه يأتي الغائب البعيد. وفي الخريف، تتلاطم أبواب النافذة كأنها قرع رصاص قاتل، لكنها تستمر في الانتظار، وترسم من ملامح الخريف وأوراقه اليابسة صوراً شتى لتقاسيم خيال وجهه الغائب. مرة بالغبار، ومرة بالطين، وتارة أخرى بألوان الطيف.
هي لا تدري عن نفسها شيئاً؛ نسيت نفسها بين غياهب الأمل. تمتطي جواده وتسرح بين شظايا الألم، الذي تنغرس مخالبه في قلبها كلما لاحت لها الذكرى. وتختلط معالمها بين دموع، وحسرة، وحزن، وأمل، وتساؤلات تتمتم بها: أتريد العودة لذلك الماضي أم النجاة منه؟
وعلى تلك الشرفة، ترمي بذلك الوشاح الأسود المهترئ، الذي قد شاخ أيضاً من يأس الانتظار.