الكاتبة ـ سميرة عبدالهادي
سأبدأ كلامي بسؤال: هل السعادة الحقيقية تكون بخداع الناس والكذب عليهم وتزييف الحقائق بأعينهم واستباحة أموالهم وحرماتهم التي صانها لهم دينهم؟ فقد أصبحنا في زمن يتفاخر البعض بكيفية إتقانهم واستخدامهم طرقاً مختلفة من الخداع والكذب على الذين يتصفون بالسذاجة والعفوية والطيبة، غير آبهين بما يترتب عليه من أضرار نفسية اجتماعية مادية عقدية. أصبح الكذب سلاحاً يتذوق حلاوته من أتقنه ويتجرع مرارته من ذاق ويلته. لنتكلم قليلاً عن بعض أنواع الكذب ومسمياته؛ فهناك الكذب الأسود مثل إطلاق شائعة لتدمير حياة شخص، الكذب الرمادي وهو نصف الحقيقة كأن تسرد لشخص جانباً من مشكلة وتخفي الجزء الأهم منها، ويليه الكذب الأبيض يكون بدافع الحفاظ على مشاعر الآخرين. ولكن أعظمها هو الكذب بإسم الدين، فقد تفشى في زماننا وظهر الكثيرون الذين يدعون أنهم "رقاة"، سلاحهم آيات الله وجنودهم شياطين الإنس والجن، المستهدفون غالبيتهم من النساء، غنائمهم المال والشرف. وساحة المعركة القنوات الفضائية ووسائل التواصل الإجتماعي، هي ساحة متوفرة لدى الجميع داخل بيوتهم وهواتفهم، أي سهلة المنال ، يظنون أنهنم طوق نجاة لما ألمّ بهم من أمراض جسدية أو عقلية ونفسية. لا يعلمون أن وراء تلك الشاشة ذات الأضواء التي تخطف الأنظار وتلك الكلمات التي تفيض بالحنان والإهتمام والخوف والأمان تخفي خلفها الكثير من الخبث والمُكر ونزع الكرامة والإنسانية وتحطيم الذات، بل و الترويج للسحر والشعوذة والمتاجرة بآلآم الناس وأوجاعهم، والأمر من ذلك نشر الرذيلة والإنحطاط والإنتهازية من خلال تصوير النساء خلسة وانتهاك شرفهن وعفتهن بدون وجه حق، بل وابتزازهن للتستر على تلك الفضيحةعلى أمل أنها سوف تدفن تحت التراب عندما تُلَبَّى متطلباتهم، فينتج عن ذلك فقد الثقة بالدين ورجاله ، كل ذلك تحت مسمى الرقية الشرعية التي هم منها براء مثل براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام. فهم لا يستندون إلى دليل شرعي ولا نقل صادق للعلماء، أعمالهم واساليبهم ترفض شرعاً وعقلاً ومنطقاً. هم رجال نصّبوا أنفسهم معالجين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. اتخذوا من لبس العباءة وتحسين الشارب وإطلاق اللحية والعبث بتحريك المسبحة بين الأصابع والإفتاء في أمور الدين دون علم أو دراية، ناهيك عن التشخيص العشوائي عن بعد بدون بيّنة واضحة أو ملموسة، هؤلاء ليسوا (رُقاة) بل متطفلون ضالون ومُضلّون، هم غير هادين أو مهتدين، يعانون من اضطرابات نفسية غير مبالين بذمة أو ضمير، هدفهم الوحيد الحصول على القوة والسلطة من خلال التلاعب بمشاعر وعقول الغير، بل وتوظيف الدين لتفريغ شهواتهم وملذاتهم الدنيوية على حساب تلك الفئة المستضعفة. هم ليسوا دعاة للدين بل معول هدم للقيم الإسلامية والإنسانية، هؤلاء بمثابة الداء العضال الذي يفتك بالفرد الذي هو نواة المجتمع، فيجعلونه يتعلق بغير الله ويُمارس طقوس الشرك من ذبح لغير الله، وتعليق التمائم، والإستعانة بالجن وغيرها الكثير من الأعمال الشركية، وبالتالي يلامس ذلك الضرر المجتمع فيتفشى التطرف والعنف والإنقسامات والتحزبات والأفعال الإجرامية على أنها دفاع عن الدين، ذلك ظاهريًا ولكن الحقيقة عكس ذلك، هو دفاع عن زائف ضال وحقوق مسلوبة وتفكك عقدي وتحزب طائفي وعنف. بنيتها التحتية وأساسها تقديم المصالح الشخصية والمالية على حياة البشر، هذه حقيقة تلك الفئة التي ذاع صيتها وانتشر بل وتفاقم أمام الأعين وأصبح لها روادها والقائمون عليها بدون رقيب أو حسيب، لذا لابد من الضرب على هؤلاء بيد من حديد ومحاربتهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر. وأنت يا من تقرأ إذا اشتدت عليك الشدائد وأقبلت بجنودها وعدتها وعتادها وغزتك في النفس والمال والولد، ارفع يديك للسماء، ففوقها رب إذا ناديته لن يضيعك، وإذا طرقت بابًا لابد أن تثق بمن يفتحه ليداوي ما عجز عنه الطب والدواء، فليس كل من قرأ القرآن والحديث يداوي ما أتعب الوجدان.
أخيرًا...الخطأ ليس عيبًا أو خجلًا فنحن بشر نخطئ ولكن العار يكمن في الإستمرار والإصرار على الخطأ، فباب التوبة يظل مفتوحًا حتى قيام الساعة. لذا لا بد من العودة واللجوء إلى الله وعدم التعلق بغيره، وتحريك اللسان ورفع الأكف بالدعاء له فهو الذي بيده مقاليد كل شيء. يجب أن يؤمن العبد بأن الله هو الذي أنزل البلاء وبيده وحده رفعه، وأن ما أصابه من نعمة أو بلية أو معصية مما قدره الله عليه لم يكن ليخطئه أو يتجاوزه، وما أخطأه من خير أو شر لم يكن ليصيبه. ويجب أن يختار العبد من هم ثقاة متفقّهون في الدين، يشهد لهم الجميع بالصلاح ويعينون على طاعة الله لا عصيانه. اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل واجعلنا مفاتيح للخير يا رب العالمين. دام دينك بخير يا من تقرأ.
.jpg)



.jpg)
.jpg)

.jpg)

.jpg)
.jpg)


.jpg)




.jpg)













.jpg)







































