السبت, 04 يوليو 2020 01:09 مساءً 0 480 0
" سلاح الغرب لاستنزاف الدول "

بقلم : أ.د محمد احمد بصنوي


                 " سلاح الغرب لاستنزاف الدول "

في  هذه المقالة سنتحدث عن أسلحة الدول الغربية  التي تستخدم الاستنزاف للدول النامية أحيانًا، أو معاقبتها في بعض الاحيان على أي محاولة للخروج من دائرة النفوذ الغربية، وفي أحيان أخرى قد تستخدم لمكافأة بعض الدول التي تعمل في فلك السياسية الغربية أو الامريكية على وجه التحديد، هذا الكلام كما أعتدنا ليس نابعًا عن هوى ذاتي ، ولكنه موثق بالأدلة والبراهين التي تؤكد حقيقية كل كلمة سيتم ذكرها. 

إن الغرب يستخدم ديون الدولة النامية كأداة سياسية لفرض أو تمرير القرارات السياسية،  فعلى سبيل المثال لا الحصر ، بعدما قامت مصر بتأييد الموقف الأمريكي، وإرسال قوات عسكرية  لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي،(لا أتحدث في هذه الحالة عن صحة الموقف أو خطأه)  قامت أمريكا  والدول الغربية  بإسقاط ديون مصر التي كانت تقدر بـ20 مليار دولار وفقًا للسفير عبد الرؤوف الريدي سفير القاهرة في أمريكا في هذا الوقت، أي بجرة قلم تم شطب ديون بمليارات الدولارات تابعة لصندوق النقد الدولي، وأمريكا واليابان والاتحاد الأوربي.

ليس هذا فقط ، بل العجيب هو أن  الاموال التي يقدمها الغرب بتساهل لبلدان العالم الثالث كقروض ميسرة من أجل  مساعدة هذه الدول، يُخصص جزء منها لشراء السلع  الغربية بأسعار عالية جدًا، وجزء آخر لخدمات استشارية غامضة بمبالغ ضخمة، وجزء تحصل عليه النخب المحلية الفاسدة، والتي تقوم أيضا بوضعه في البنوك الغربية، وبهذه الصورة تعود  معظم إن لم يكن كل الاموال التي تحصل عليها البلدان النامية كقروض إلى حسابات الغرب مرة أخرى، بينما لا يبقى في الدول النامية إلا الديون، وبعد ذلك تخصص هذه الدول 90% من دخلها لسداد هذه الديون، وبالتالي تصبح هذه الديون عقبة امام أي محاولة للتقدم، ويصبح الغرب هو المتحكم في كافة ثروات هذه الدول ، والامثلة من الواقع المعاصر كثيرة جدا.

 أما إذا ثارت الشعوب ضد النظام الذي يسيطر عليه الغرب في هذه الدول، فلا توجد مشكلة، كل شيء مخطط له بدقة متناهية، للسيطرة على ما تبقى من أموال هذه الشعوب، وما حدث للرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس بعد سقوط نظامه عام 1986 لخير دليل على ذلك،  حيث بدأت في البلاد حملة للبحث عن أموال هذا الديكتاتور، لكن هذه الحملة لم تصل إلى أي نتيجة تذكر، وما توصلت إليه من حسابات خارجية لهذا الديكتاتور، لم يستطيعوا أن يحصلوا عليه، بحجة أن الفليبين لديها ديون خارجية.
.
 أما إذا كانت الدول النامية لديها من الثروات والامكانيات التي تغنيها عن الحصول عن القروض أو المساعدات، وبالتالي يصعب السيطرة عليها ، ففي هذه الحالة تلجأ أمريكا والغرب إلى الحرب وإنهاء النظام الحاكم في هذه الدول، خاصة إذا كان هذا النظام يحاول الابتعاد عن فلك السياسية الأمريكية، أو يهدد مصالحها، فعندما أعلن صدام حسين الرئيس العراقي الاسبق تخليه عن بيع النفط بالدولار، واستبداله باليورو،  أعلنت أمريكا بأن صدام حسين ديكتاتورا، وشنت الحرب ضد العراق، ومن ثم اعدام الرئيس العراقي، وتم مصادرة جميع حساباته تعويضاً عن نفقات الولايات المتحدة الامريكية في الاطاحة بنظام صدام، هذا السيناريو كان من الممكن أن يتكرر مع كوريا الشمالية التي تهدد المصالح الأمريكية ليلاً نهارًا، إذا لم تكن تمتلك سلاحًا نوويًا. 
 إن الولايات المتحدة الامريكية تستخدم أي شيء من أجل خدمة مصالحها الحيوية في أي مكان في العالم، ومن أجل تحقيق هذه المصالح لا توجد أخلاق أو قيم، كل شيء مباح، فلك أن تعلم أن أمريكا خصصت عشرات المليارات  من الدولارات لتطوير سوق المخدرات وتمويل الإرهاب ضد البلدان التي خرجت عن الطاعة، حيث قامت المخابرات الأمريكية بتهريب المخدرات بعد عام 1949 لبعض الجنرالات خلال الحرب الكورية،  مقابل الحصول على معلومات استخباراتية، وفي عام 1961 تم اتهامها بتهرب الهيروين والأفيون لدولة لاوس الواقعة على الحدود مع ميانمار خلال الحرب الفيتنامية، ونقله على متن طائرات تابعة للخطوط الجوية الأمريكية، وكان ردها على كل ذلك أنه قانوني بحكم عملها من أجل مصلحة الأمن القومي، وهذا الأمر ذكر بالتفصل في  مجلة "كاونتربنش" الأمريكية  تحت عنوان "سي آي إيه.. 70 عاما من الجريمة المنظمة".

وإذا أردت أن تتعمق أكبر لمعرفة كيف تدار السياسية الأمريكية لرأيت العجب العجاب، وأشياء لا تستطيع أن تصدقها، فهل تصدق أن التقارب بين البنوك العالمية وسوق المخدرات ازداد خلال  الأزمة العالمية في عام 2008، حيث كانت هذه البنوك  في حاجة إلى  توفير الاموال للخروج من هذه الأزمة، وهذا الأموال كانت متوفرة في هذا الوقت مع كبار تجار المخدرات،  ونتيجة لهذه الأزمة أصبح العديد الكثير من ممثلي تجارة المخدرات أعضاء في الهيئات الإدارية للبنوك العالمية، والمخابرات الأمريكية كانت وسيطًا  في هذه العلاقة، وظهرت الكثير من الفضائح في الاستخبارات الامريكية حول علاقاتها بتجارة المخدرات، وهذا ما أكد عليه أستاذ الاقتصاد البروفسور فالنتين كاتاسونوف لموقع روسيا اليوم. 


"من يملك المال يملك السياسة" هذه المقولة تعكس كيف تدار السياسة الأمريكية، وتفسر الكثير من الأشياء  الغير مفهومة لدى البعض، ربما سمعت النظرية القائلة بأن معظم الأموال في العالم تسيطر عليها بعض العائلات، بل يعتقد البعض أن هذه العائلات تسيطر على رؤساء جميع البلدان والعالم بأسره،  فلك أن تعلم بأن هناك 13 عائلة تحكم العالم، وتمثل قوى الظل في النظام العالمي الجديد التي تمول كل الحروب والصراعات، حيث تمتلك 500 ترليون دولار وتسيطر على معظم البنوك المركزية لدول العالم، وفقًا لموقع "وورلد تروث" الأمريكي،  ومن هذه العائلات سأذكر على سبيل المثال لا الحصر عائلة "روكفلر" صاحبة إمبراطور صناعة النفط،  حيث صنف مؤسس هذه  العائلة بأغنى رجل في التاريخ بثروة تقارب 1.5% من الناتج المحلي الأمريكي عام 1937 وبما يعادل بالأسعار الترجيحية ليومنا هذا 340-400 مليار دولار، وعلى الرغم من اتهام المحاكم الأمريكية لـ"روكفلر" بالاحتكار وقررت تفكيك إمبراطورتيه، إلا أن العائلة ما  زال لها اليد الطولى في شركات مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"بريتيش بتروليوم" وغيرها من شركات النفط التي تعد مجال نفوذ العائلة الأبرز.

 وأخيرًا وليس آخر، ما أريد أن أؤكد عليه بأن الغرب "دولاً وكيانات" وضع عقبات وتحديات كبيرة،  لمنع الدول النامية من أي محاولة للتقدم، لأن تقدم هذه الدول  يمنع من تصدير الدول النامية مواردها الطبيعية ،بدون أي قيمة مضافة بأسعار بخسة، وبالتالي يقلل هامش الربح، ناهيك عن  أن تحقيق الاستقرار في هذه الدول، أمر مرفوض من قبل الغرب، لأنه يؤدي إلى ركود صناعة السلاح والتي هي اساس اقتصاد بلادهم والتي تعود عليهم بمئات مليارات الدولارات سنويًا.

بقلم:بروفيسور / محمد احمد بصنوي

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المالكة والمدير العام
المالكة ومدير الموقع ومدير عام مؤسسة شبكة الصحافة للنشر اٌلكتروني أديبة وكاتبة ومنظمة فعاليات

شارك وارسل تعليق

بلوك المقالات

الصور

.

.

أخر ردود الزوار

الكاريكاتير

استمع الافضل

آراء الكتاب

admin الدعم الفني
صحفي في قسم مناسبات, رئيس فريق الدعم الفني شبكة نادي الصحافة السعودي
شبكة نادي الصحافة السعودية موجودة في "مبادرة تمكين جودة الحياة
2023-09-07   

آراء الكتاب 2

admin الدعم الفني
صحفي في قسم مناسبات, رئيس فريق الدعم الفني شبكة نادي الصحافة السعودي
شبكة نادي الصحافة السعودية موجودة في "مبادرة تمكين جودة الحياة
2023-09-07   
جمعه الخياط جمعه الخياط
صحفي في قسم اخبار محلية, رئيس مجلس ادارة صحيفة صوت مكة الالكترونية
الدفاع المدني يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية بالعاصمة المقدسة
2024-03-17   
فايزه عسيري فايزه عسيري
صحفي في قسم اخبار محلية, كاتبة وناشرة ببوابة صوت مكة التثقيفية
أمانة مكة تنظم ورشة حماية النزاهة وتعزيز الشفافية
2022-08-24   
بدر فقيه بدر فقيه
صحفي في قسم اخبار محلية, || محرر وناشر في شبكة نادي الصحافة السعودي. بكالوريوس نظم المعلومات من كلية الحاسب الألي بجامعة الملك خالد بأبها
عندما يتعرض مصاب بالسكري لنوبة انخفاض السكري وهو واعي
2018-11-20   
عيشه حكمي عيشه حكمي
صحفي في قسم اخبار محلية, محررة وناشرة بالصحيفة
رحلة اكتشافه للبيوت التراثيه لقريه عتود
2019-01-04   
حنين مسلماني حنين مسلماني
صحفي في قسم ثقافة وفنون, محرر وناشر
متصل الان (أحاديث قهوة )
2019-01-18   
شمعه خبراني شمعه خبراني
صحفي في قسم اخبار محلية, محرر وناشر بصحيفة صوت مكة الاجتماعية
وزارة العدل تتيح الاستعلام الإلكتروني عن الإقرارات
2019-12-15   
حورس الدعم الفني
صحفي في قسم اخبار محلية, مسؤول الدعم الفني
صناعة المشاريع دورة تدريبية بمكة
2024-01-24   
ساميه بكر سامية بكّر
صحفي في قسم مقالات, مدير تحرير القسم النسائي بمكة
مسيرة عطاء
2020-11-20   
سلمى البكري سلمى البكري
صحفي في قسم شعر وخاطرة, مدير تحرير القسم الأدبي بالصحيفة
حيث اللاشيء
منذ 3 يوم