شطحات عقل
بقلم الكاتب / سمير عالم
أتساءل كيف للعقل الذي يفترض به أن يسير بالإنسان باتجاه الصواب أن يتحول إلى أداة انحراف !
التفكير في إطار الاعتدال هو السبيل لتطور الإنسان بعيداً عن شطحات العقل الذي قد ينحرف في لحظة من الغرور والإعجاب بالذات فيدخل في فلك الهذيان الذي يسير بصاحبه نحو بؤرة اللامقبول .
ذاك الغرور الذي يصور للإنسان أنه يملك عقلاً نقدياً قادراً على التنظير وعرض النصوص الإلهية على المنطق متوهماً
في ذاته أنه العقل المتنور الذي سيصل بالبشرية إلى نقطة التحرر من الخزعبلات المتوارثة .
مهما بلغ العقل البشري من تطور سيبقى قاصراً عن استيعاب أو فلسفة بعض الأمور التي تتضمن في جوهرها حكمة إلهية مستعصية على الفهم .
اتباع هذه المنهجية يندفعون دون تردد نحو تمجيد العلم والعقل البشري ويأخذون بالنظريات العلمية وآراء الفلاسفة ويستشهدون بها
في الرد على الآيات القرآنية والاحاديث النبوية ، فهم يقبلون برأي كل منظّر وغير قادرين على تقبل مقولة واحدة من محمد صلى الله عليه وسلم .
اتساءل كم من النظريات العلمية والفلسفية التي تهاوت أمام نظريات أخرى أكثر حداثة ومنهجية في البحث ،وكم من استنتاجات لبحوث أثرية لم تتوافق والنصوص الإلهية في مرحلة ما ، ومن ثم غدت حبراً على ورق مقابل استنتاجات أخرى مستندة على حقائق تكشفت لاحقاً .
آراء البشر ليست ثوابت يمكننا الوثوق بها على المطلق ، بل هي استنتاجات لمحاولات للفهم والتعمق في الحقائق وقابلة للنقض والأخذ والرد ، ولابد من وضعها موضع الفرضية الشبهة مؤكدة لحين
ظهور فرضية أخرى تؤازرها أو تدحضها لنبقى في دوامة الممكن القابل للتصديق حتى إشعار آخر .
وكلمة الكفر تبقى واحدة مع تغير العصور ومبررات التكذيب
تتشابه متى تشابهت القلوب في الصد عن الايمان وعريضة
الاتهام مستنسخة من سابقاتها بأن كل ما ورد في القرآن هو من أساطير الأولين .
لا ننكر حقيقة وجود تفسيرات بشرية غير مقبولة من طرف
علماء الفقه والشريعة للنصوص الاسلامية وهي في حكم ما سبق قابلة للنقاش ونضعها في إطار " وجهات النظر " ، ولكن الاتزان يتطلب منا كعقلاء أن لا نجعل من تلك التفسيرات سببا لرفض الكل بسبب عدم تقبلنا للجزء .
الأمور العقائدية ونصوص القران والسنة الموثّقة خطوط حمراء غير قابلة للجدال وليست متروكة للتفسيرات البشرية كمسلمات يجب الأخذ بها وكذلك التعدي عليها بالنقد أو السخرية منها أمر مرفوض بكل أشكاله وإن كانت تحت ذريعة اللامنطقية .
لهم كامل الحرية بالأخذ عن من يشاؤون ولي كامل الحق في اتباع من لا ينطق عن الهوى .