مدينة الطيبات
الكاتب / سمير عالم
الصرح الثقافي ليس مجرد مبنى قائم على أساسات أسمنتيه ،
ليتباهى القائمون عليه بالألقاب والمسميات التي يلهث خلفها
البعض بغرض الوجاهة الاجتماعية ، إنما هي صروح لها أهداف
و رسالة اجتماعية ووطنية وتتحمل أمانة أداءها بالشكل اللائق ،
وهي امتداد لعطاء بدأه المؤسسون ليكمله من بعدهم من خَلَفهم
في تحمل تلك المسؤولية .
اعتدت باستمرار على زيارة " متحف مدينة الطيبات للعلوم والمعرفة
بجدة " وأحرص على حضور كافة الفعاليات التي تقام فيه
بشكل شبه دائم ، لمَ يتمتع به هذا المكان من أجواء ثقافية ويمثل
تحفة فنية تشعرك حين تتجول بين اروقتها وكأنك في معرض زاخر
بفنون الشرق وسحره ، والتي تجسده " الرواشين " التي تزدان به واجهات
المباني والأجنحة التي يحتويها المتحف، ويمثل مقصداً للكثير
من المهتمين بالشأن الثقافي والفني .
منذ أيام احتفلت البلاد بيومها الوطني التاسع والثمانين وكنت
حريص على المشاركة في الفعالية التي أقامتها إدارة المتحف احتفالاً
بهذه المناسبة والتي تمت تحت رعاية كريمة من صاحب السمو
الملكي الامير عبدالله بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود ونجله
صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن عبدالله حفظهم الله .
وانتهزت تلك الفرصة لدعوة بعض الأصدقاء لزيارة أجنحة
المتحف وكان من المبهج أن جميع من لبوا الدعوة فاجأهم المكان
لم يحتويه من مقتنيات وتحف ، و من أجنحة تجسد البيئات والثقافات المتنوعة للمملكة
وبشكل يراعي أدق التفاصيل لكل منطقة من حيث الأزياء واثاث
المنازل وأساليب ومواد البناء المستخدمة سابقا، ولكن كان من
المؤسف هو جهل غالبيتهم بمحتويات المتحف والمعروضات الموجودة فيه ،
بالرغم من اعتراف الجميع بأن الموقع لطالما استرعى انتباههم
نظراً لطرازه الفريد وكانت تراودهم الرغبة في زيارته .
كم أتمنى أن تنال مثل هذه الصروح الثقافية اهتماما أكبر
من طرف الأفراد وأن تكون مزاراً تقصده العائلة في نهاية
الأسبوع كأي وجهات أخرى اعتدنا على زيارتها للتنزه والترفيه
، مما سيشكل رابطاً ثقافيا بين الجيل الحالي والأجيال السابقة
في زمن يتسم بسرعة التغيير وانعكس ذلك بشكل واضح
على معرفة وثقافة الأجيال الحالية وارتباطهم بالماضي .
ومن وجهة نظري أعتقد أن هذه الزيارة ستشكل تجربة ممتعة
و مميزة لكل أفراد العائلة ، دون إغفال للدور الهام للإعلاميين
والمثقفين للتعريف بمثل هذه الصروح الموجودة في المملكة مما
يمنحها الدعم والتحفيز للاستمرار ومواصلة العطاء .